لمن نتركهم؟!

أثير الكثير من الجدل، والقليل من الحلول في قضية الطلبة الذين يدرسون على حسابهم وهم من تورطوا بوعود أوماني، بعض آبائهم باع ممتلكاته، وآخر رهن كل شيء في سبيل رؤية ابنه أو ابنته رافدًا علميًا وماديًا في قادم الأيام..
إحداهن عملت خدامة في موطن بعثتها مقدرة أن ظروف عائلتها لا تستطيع تحمل ما بقي من أعباء، آخر تكلفت أسرة أمريكية  بسكنه ومعيشته ليدير باقي دخله من أي عمل آخر، وثالث تجرد من جنسيته بعد زواجه من أجنبية ليكمل باقي تعليمه..
هذه شرائح صغيرة من عينات كبيرة تركناهم يواجهون مصيرهم بالخارج، وعلى الخط بدأت المنظمات الإرهابية، وربما الجاسوسية، تبحث عن صيدها الجيد في تجنيد هذه الفئات، إما للتطرف والتجسس، أو المشاركة الفعلية باستهداف كل شيء، مستغلين ظروفهم وواقعهم، أسوة بآخرين عرب ومسلمين شردتهم الحروب وسلطات القمع والفرز الطائفي، أصبحوا أحد أسلحة التطرف بالخارج..
القضية التي تعنينا، كيف نعالج الموقف حتى لا نضيف لداعش وغيرها رصيد جديد في قواتها البشرية، خاصة لو تكفلت بإعانة أولئك الطلبة لتجنيد آخرين من المقيمين أو ذوي الأصول العربية والإسلامية، ليكون العمل أمميًا في تغليب الجانب العقائدي على جنسية أو مبدأ أو انتماء الأشخاص؟
لا أدري عن بقية المقيمين، وكيف تتعامل معهم الملحقيات التعليمية، في حل قضاياهم ومراقبة سلوكهم، والطور الذي يسعون إلى تحقيقه. هل هو التحصيل العلمي؟ أم غلبة الثقافة الدينية الغير معتدلة، والذاهبة إلى الكل في حرقهم بإتون الجحيم؟..
التحرك من وزارة التعليم يجب أن لا يخضع للتقويم العاطفي، فنحن أمام حالة قائمة استندت مطالب أصحابها، بصرف النظر عن جدوى التخصصات وملاءمتها للاحتياجات الداخلية، فهؤلاء موجودون ويكابدون مصاعب معروفة لا تحتاج لشرح. ومسؤولية الوزارة ليس قطع تذاكر العودة متذرعة بأسبابها، وإنما كيف نقف على حل يراعي الأسباب الأخطر أمنيًا وسياسيًا، خاصة أن هؤلاء بطموحاتهم مهما تفاوتت النسب، فإن قابليات التغيير في حياتهم وسلوكهم مسألة تحددها الحاجة أولًا لا طهارة المعتقد أو التربية الوطنية التي نشهد ضعفها، ومن هنا لا أدري ما تفكر به الوزارة، وما إذا كانت أقامت دراسات لهذه الأوضاع وعملت مسحًا للدارسين في الخارج وتحاورت معهم حتى تجعل العلاقة غير منقطعة، أم أن العادة ترك الأمور تعالج نفسها، وهنا تبرز سلبيات هذا الإهمال، إذا ما وجدنا من يدفع الدارسين لحلبة الدواعش، وهذا ليس اختزالًا لموقف، أو التخويف منه، ولكن  لكل سبب نتيجة، وعملية أن ندرك المخاطر ونعالجها أفضل من أسف لاحق لا يزن الأمور وفق تطوراتها وتداعياتها..