“مافيا” الأموال القذرة..

اقتصاديون، وقانونيون، وعلماء شريعة، يتحدثون عن الأموال القذرة أو ما اصطلح عليه بـ”غسيل الأموال” وأن دول الخليج تعج بعمليات كهذه من خلال “مافيا” عالمية لها ركائز اجتماعية تعمل معها، والظاهرة أخذت شكل العولمة في تحايلها وتخفيها..
ما يثير الاهتمام والشكوك أن لدينا انتشارًا هائلًا وغير مسبوق في الصيدليات، ومحلات البخور و “أبو ريالين” والإتجار بالإبل والماعز التي تصل أسعارها لعشرات الملايين، بالنسبة للإبل، وعشرات الآلاف للماعز. ورغم عدم جزمنا بما يحدث داخل وخارج هذه النشاطات إلا أنها كانت ولا زالت تثير الريبة والتساؤل..
نحن سوق مفتوح تكاثر فيه التستر والغش التجاري والممارسات غير الأخلاقية فيمن يتاجرون بالمخدرات، وقطعًا هذه الأموال السوداء خطورتها ليس بالإتجار المحرم فحسب وإنما من أين مصادرها وأين تذهب؟ وهل يتم توجيهها للإرهابيين وغيرهم مما يستلزم رقابة صارمة على تسييل هذه الأموال خاصة في مرحلة متفجرة اختلط فيها القتل المتعمد بالمال الحرام حتى أن النموذج الأفغاني في اعتماد طالبان والقاعدة على أموال زراعة وبيع المخدرات جزء من حصيلة توسع غسل الأموال بطريق وحيل ربما خدعت بعض المسلمين في خلق بيئة اقتصاد خفي..
أعرف أن مراقبة تدفق الأموال السرية أعيت مختلف دول العالم، رغم الرقابة الشديدة والتقنية عالية المتابعة، تمامًا مثل العجز عن مراقبة وكشف الإرهاب والعوالم السرية للجريمة المنظمة، وقد تتابعت حوادث تسرب الأموال سواء بواسطة عملاء تحت الأرض أو على شكل تصدير بضائع وسلع أخرى، وحتى ما تنشره الصحافة أو محطات الفضاء عن تحويل عامل ما ملايين أو مئات الآلاف من الريالات والتحفظ عليها ومراقبتها، قد تكون الاستثناء مما يمرر تحت الطاولات، ومع ذلك فنحن أمام جبهة أخرى تستطيع اختراق الاحترازات والعيون المفتوحة إذا كان من يقوم بتسهيل هذه التجاوزات محترفون، سواء كانوا مواطنين أو وافدين..
أذكر أن شخصًا ما حاول وأنا أهم ركوب الطائرة بالاتجاه لدولة عربية إعطائي مظروفًا لتسليمه لشخص سوف يكون بانتظاري بالمطار، رفضت رغم أنه حاول فتح المظروف وإطلاعي على محتواه، لأنني لا أفهم الغاية من أن أكون ساعي بريد له مع وجود وسائل توصيل سريعة وآمنة. وحذري لم يكن مبنيًا على عدم الثقة وحدها، وإنما التبعات التي لا أعرف كيف تصادفني لو أن الأمر يدخل في عمل سري تراقبه جهة بلد الوصول..
الموضوع كبير وانتشار ما يسمى بالعمليات القذرة أو الاقتصاد الأسود وغيرهما ستستمر طويلًا لأن الحرب تأتي بصدام مع عقول لديها حس المخادعة وتبني أساليبها على مخزون هائل من التجارب والحلقات السرية. وقد مرينا بخدعة جمع التبرعات وإنشاء جمعيات خيرية، اكتشفنا، متأخرين، أن أهدافها تتعدى الإحسان إلى تمويل جماعات إرهابية، أو منظمات سرية تقوم بأدوار خطيرة. وقد تعاد الخدعة بأساليب أخرى من خلال شركات وهمية، أو تمرير حساب أسود بواسطة حساب أبيض، بصفقات تحتضنها دول آسيوية ولاتينية، وحتى بلدان عربية أو حتى محلات تجارية. وعمومًا فأدوات الحرب مع تلك الجماعات لن تحسم بسهولة ولكن يرتفع لدينا حس المراقبة والمتابعة..