دولة داعش، اختلط العقل بالجنون..!

الحقيقة المرة تذهب إلى أن دولة داعش تشكلت بالعراق وتتأسس بسوريا وتنشط في ليبيا، وأن دواعي وجودها جاء من رغبة لحكومتي سوريا عهد الأسد، والعراق زمن المالكي، ورؤية دول أجنبية تدعي محاربتها، ولم يعد هناك سر أن سقوط مدينة الموصل والرمادي وهروب الجيش العراقي الذي حيَّر الأمركيين وخسارتهم سلاحهم الذي قاموا بإعطائه الحكومة إلا نوع من السكوت وتمرير الأهداف. وإلا كيف تسمح دولة عظمى تخشى، كما تقول، وصول أسلحتها إلى الإرهابيين وتتعامل مع داعش بهذا الوجه وتحرم على المعارضة السورية تقديم مثل هذا العتاد؟
دعونا نقول إن وصول داعش إلى هذا الحجم الكبير لم يكن وفق ظروف مفاجئة بل هناك سيناريو أُعِد ونُفِذ لأن داعش لا ترفع شعارات القاعدة مستخدمة تكتيكات عسكرية وإرهابية لا تراعي أحدًا مغلفة استراتيجيتها على التمدد قبل تحديد مفاهيمها الإديولوجية مما وسمها بخدمة كل الأطراف الإيرانية والحكومة السورية وحزب الله وحتى إسرائيل. بمعنى أن الوجة الذي تخفية هو مدار التساؤل فظاهرها إسلام سني يخدم أطراف تُعادي هذه الطائفة وتتعامل معها من أفق توحيد الأهداف والمصالح..
لنفترض أن بينها وبين إيران عداوات دفعت بأن تجعل من الحشد الشعبي الشيعي العراقي يأخذ مكان الجيش والقوى الأخرى، ويدار من قِبل الحرس الثوري الإيراني ورفض أي تسليح للقبائل أو الأكراد، هل في هذا ما يشير إلى تلاقي العمل الواحد بين إيران و داعش وأن الغاية ضرب السنة بالسنة للوصول إلى سلامة المكون الشيعي؟ وهل هذا الزواج الجديد معرض للطلاق إذا ما تجذرت دولة داعش وأخذت حجمها ليلتف حولها عناصر سنية كبيرة بذريعة قبول عدو يرفع شعاراتهم، على عدو يشردهم ويقتلهم. لكن ماذا عن المستقبل البعيد، هل يبقى تحالف الأضداد قائمًا، وأن ما تخفية سياسة الحليفين ستفضحه القسمة غير السوية، أي أن تتشكل حرب فعلية بين سنة داعش، وشيعة كل من العراق وإيران بغرض كل طائفة تريد تعزيز دورها مع المؤيدين لها، وخاصة أن سنة سوريا قد يجدون فيها المأوى والمخرج في مواجهة كل الأطياف المؤيدة لإيران من حكومات وأحزاب عربية وغيرها ليتبدل المشهد ويقلب الواقع إلى حقائق جديدة تغير في المواقف والأهداف البعيدة؟..
على طرف آخر، كيف سترى تركيا هذا الزحف الجديد، هل تمرر من خلالة مطامعها بسوريا والعراق، وتقبل مواجهة بالنيابة وبواسطتهم فتح جبهات مع إيران ودول عربية أخرى بما فيها داعش ليبيا لتصل إلى حدود مصر التي تختلف معها، ثم ماذا عن إسرائيل التي ترى أن حزب الله والأسد خدما سياستها، كيف ستنظر إلى جوار داعشي يذهب بأفكاره إقامة دولة الخلافة وأنها ناقصة بدون القدس وأراضي فلسطين؟..
اللعبة تكبر وقد يكون لبنان الهدف القادم لداعش، وربما تزيد التعقيدات السياسية والعسكرية لو تعهدت فرنسا حمايته بقوة على الأرض، كيف ستكون الأوضاع ومن سينتصر ويحتفل بهزيمة غريمه؟